حق الفرد في سلامة كيانه البدني والنفسي أثناء التحقيق في المواثيق الدولية والشريعة الاسلامية (دراسة مقارنة)

الملخص

تناول الباحث في هذه الدراسة قضية الأذى النفسي أو البدني الذي يتعرض له بعض الأشخاص أثناء خضوعهم للتحقيق الجنائي، مثل الحالات التي تسعى فيها أجهزة إنفاذ القانون للحصول على معلومات أو اعترافات معينة، أو حين تقتضي الظروف الحصول على أدلة جنائية مثل أخذ عينات من سوائل الجسم أو إخضاع الشخص لاختبارات الكشف عن تعاطي المواد الكحولية أو المخدرة وتتعرض الدراسة إلى التجاوزات التي تتم على أيدي القائمين على انفاذ القانون بالمخالفة لأحكام الأنظمة الدستورية والمبادئ العامة لحقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
يعد استخدام القوة غير المشروعة في مواجهة الأشخاص المقبوض عليهم والسجناء والأسرى انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وإهدار لكرامته ويشكل في الوقت ذاته إساءة استخدام للسلطة والنفوذ.
يعد التعذيب أحد موروثات العصور السابقة ومظهرا من مظاهر سلطانها، ذلك أن أجهزة التحقيق في مختلف العصور غالبا ما يكون ولاؤها للسلطان وليس للنظام القانوني المرتكز على الدستور أو القيم الإنسانية الرفيعة، إلا أنه بتطور العلاقات الإنسانية ونقل المعارف بين الأمم والشعوب فقد توصلت الإنسانية إلي بناء مجتمع تسود فيه مبادئ العدالة واحترام الحقوق الفردية، وأنه من حق كل شخص أن يتمتع بحظه من الكرامة بالأصالة. وقد شهدت العقود الأخيرة من القرن المنصرم طفرة في تشريعات حقوق الإنسان التي أفضت إلى إلزام الدول والحكومات بمبادئ المشروعية واحترام مبدأ سيادة القانون. هذا المبدأ الذي تتبدى مظاهره في الضمانات التنظيمية التي تحد من غلواء السلطات في التدخل في حريات الأفراد أو المس بكرامتهم حال خضوعهم لإجراءات الضبط الشرطي، وهي ممارسات كانت شائعة في عهود لم تنضج فيها التشريعات المنظمة لحقوق الإنسان.