وسطية القرآن الكريم في تعامله مع ظاهرة الطلاق
الكلمات المفتاحية:
الملخص
لقد حاولت من خلال دراستي أن أثمّن مجهودات الباحثين الذين تناولوا موضوع الطلاق، وألخص مجموع أفكارهم فيه أو أزيد بتذكير شبابنا والمعنيين بخطورة الطلاق الذي أضحى ظاهرة غريبة، وحدثا غير عادي نهش جسد مجتمعنا المسلم أو كاد، بالرغم من وجود ما ينظمه ويحدّ منه في القرآن الكريم الذي أكد على وسطيته واعتداله في تدبير شؤون الإنسان والكون، ذلك أن الأحكام والقوانين التي أحاط بها القرآن الكريم الطلاق تهدف إلى صون العلاقات الإنسانية المبنية على السكن والمودة والرحمة، وتقيد أو تضيق من دائرة الطلاق بتحديد عدد طلقاته والتدريج فيهما، وحصر أسبابه وعقاب من يعبث به ويتعدى حدود الله، وإتباعه بما يقيده ويدفع به من أحكام العدّة والنفقة التي توسط بهما الطلاق وجعل منهما أداة صلح ومعالجة ومراجعة أكثر من أداة انفصال وفرقة وهلاك، دون أن يتعسف في العدة بإطالة مدّتها، وفي النفقة بإعسار الزوج على الإنفاق فوق ما تكلف نفسه، فضلا عن أن القرآن الكريم كان وسطيا حين ساوى بين طرفي الزوجية في طلب الطلاق، وحارب فيهما النشوز الذي يعكّر صفو حياتها ويؤدي إلى الطلاق، بخطوات وقائية ومراحل إصلاحية تنأى بالجنسين عن سلطة الذكورة ولغة الصراع، وترفع عن المرأة الهون والإذلال، وتحفظ علاقة التواصل بين الآباء والأبناء.
إنّ وسطية القرآن الكريم واعتدال الإسلام في تعامله مع الطلاق تنم على إعجازه الذي لا يغادر صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها، فهو لم يحرّم الطلاق حتى لا يكون متطرفا، ولم يبحه إباحة مطلقة حتى لا يكون ظالما، كان بين بين حافظ على قدسية الزواج المشروط بالرضا والسكينة، وحافظ على قدسية العلاقة الإنسانية حال الانفصال بين الزوجين، لقد كان رحيما بالإنسان وهو يسنّ له الزواج، ورحيما به أيضا وهو يرخص له الطلاق، وأرحم وهو يبغض هذا الطلاق.