مسؤولية الكاتب العدل المدنية عن أفعاله الشخصية وعن فعل الغير؛ دراسة في ضوء التشريع الإماراتي
الكلمات المفتاحية:
الملخص
إن الوظيفة القضائية لها دور مؤثر في استقرار العلاقات بين أفراد المجتمع، ولابد من وجود كاتب يساعد القاضي في عمله؛ ليحمل عنه عبء من أعباء الوظيفة القضائية ويعد الكاتب العدل أحد المرافق الأساسية في القضاء، إذ يؤدي مهام واختصاصات والتي حددها القانون، وبين المشرع الإماراتي في القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2013 في المادة (1)المتعلقة بالتعريفات من قانون تنظيم مهنة كاتب العدل، حيث إن الكاتب العدل شخص مختصُ قانونيا ويؤدي الاختصاصات الواردة في القانون، ويشمل نوعين؛ هما: الكاتب العدل العام، والكاتب العدل الخاص. وعرف المشرع الإماراتي الكاتب العدل على أنه كُل من تعتمده الدائرة أو تكلفه للقيام بمهام قانونية مُحددة، ومنها التصديق على المحررات والوثائق. ويعمل الكاتب العدل من خلال مقر المحكمة ومن خارجها حيث خطت الدولة خطوات واسعة نحو تطوير وتسهيل آلية تقديم خدمات كاتب العدل حيث يقدم خدماته من أماكن خارج المحكمة وتمتد ساعات دوامه لأكثر من 8 ساعات علاوة على أنه يوفر خدمات التوثيق والتصديق. وفي الآونة الخيرة رخصت المحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة للكثير من المحامين لمزاولة مهنة الكاتب العدل الخاص من داخل مكاتبهم مما سهل على الجمهور تلقي الخدمة وفق آليات ومواقيت تلبي تطلعات واحتياجات الكثيرين من رجال الاعمال والعامة.
ﯾﻠﻘــﻲ اﻟﻧظــﺎم اﻟﻘــﺎﻧوﻧﻲ الإماراتي ﺑــﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣــﺔ، واﻟﻘــﺎﻧون الاتحادي رﻗــم (4) لسنة 2013م بشأن تنظيم مهنة الكاتب العدل ﻋﻠﻰ وﺟـﻪ اﻟﺧـﺻوص ﻋﻠـﻰ ﻋـﺎﺗق اﻟكاتب العدل ﻣﺟﻣوﻋـﺔ ﻣـن اﻟواﺟﺑـﺎت اﻟﻣﻬﻧﯾـﺔ، وﯾﻘـﺻد ﺑﺗﻠـك اﻟواﺟﺑـﺎت ﺗﻠك اﻻﻟﺗزامات اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺻل اﺗﺻﺎﻻ ﻣﺑﺎﺷرا بمهنته، أي: اﻻﻟﺗزامات اﻟﺗـﻲ ﯾـﺷﻛل اﻹﺧـﻼل ﺑﻬـﺎ جرائم ﺗﺳﺗوﺟب ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺟزائية أو اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ أو اﻟﻣـــﺳؤوﻟﯾﺗﯾن ﻣﻌـــﺎ، ﻋـــﻼوة ﻋﻠـــﻰ اﻟﻣـــﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﺄدﯾﺑﯾـــﺔ إذا ﻣـــﺎ ارﺗﻛﺑـــت أﺛﻧـــﺎء ﻣﻣﺎرﺳـــﺔ اﻟوظﯾﻔـــﺔ أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺗﻬﺎ.
وﺑﺈﻋﺗﺑــﺎر الكاتب العدل موظف عام، ومهنته ﻟﯾــﺳت ﺳــﻠطﺔ أو امتيازا تجعل ممارستها في منأى عن المساءلة، وإﻧﻣــﺎ ﻫــﻲ ﺧدﻣــﺔ ﻋﺎﻣــﺔ، وﺗﻛﻠﯾــف اﻟﻘــﺎﺋﻣﯾن ﺑﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ أن ﯾﻛــون ﻫــدف اﻟﺗﻛﻠﯾــف أﺛﻧــﺎء أداء ﻋﻣﻠﻬــم ﺧدﻣــﺔ ﻟﻸﻓراد واﻟــﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌــﺎم وإذا قصّر الكاتب العدل ﻓــﻲ أداء ﺗﻠــك اﻟﺧدﻣــﺔ أو رجع ﻋــن طرﯾــق اﻟــﺻواب واﻟﺣــق، وﺟﺑــت ﻣــﺳﺎءﻟﺗﻪ، وﺣــقّ ﺗوﻗﯾــﻊ اﻟﻌﻘــﺎب اﻟﻌــﺎدل ﻋﻠﯾــﻪ، ﺟــزاءا ﻟﻬذا اﻟﺗﻘﺻﯾر، أو اﻟﺣﯾدة ﻋن طرﯾق اﻟﺣق.
وحيث إن المسؤولية المدنية هي محور بحثنا والتي تستمد قوتها وقيمتها من مهنة التوثيق كونها تتعلق بإبرام العقود بين المتعاقدين، والحفاظ على السر المهني خلال الكتابة وعدم إفشاء الأسرار، وهذه المسؤولية تتخذ صورا عدة باعتبارها مسؤولية وصادرة من الفعل الشخصي أو صادرة عن فعل الغير، ولا يخفى على الباحث القانوني ما هو قائم من فوارق بين نظام المسؤولية العقدية والمسؤولية عن الفعل الضار سواء من حيث الأساس أو الطبيعة أو من الوظيفة، وهو ما يبرر وجود النظامين القائمين في إطار تلك المسؤولية المدنية سواء تعلق الأمر بأحد الاثنين.